الفكر التربوي وتنشئة الأولاد عند المسلمين الأوائل
يأخذ البعض على المكتبة العربية الحديثة والمعاصرة قلة اعداد الكتب التي تعنى بالتربية كعلم متخصص له سماته الخاصة وتلبي حاجة المربي وولي الامر وتواجه النظريات التربوية الحديثة في الغرب والتي حمل معظمها معاول الهدم ـ عن قصد وسوء نية ـ لتهدم القيم والمثل التي جاء بها الاسلام وبنى حضارة زاهرة صمدت قرونا عديدة، وقد ساهمت الحركات المشبوهة في طرح افكار تربوية تصل بالشباب الى مهاوي الردى لتسهل السيطرة على الامة واستنزاف طاقاتها وقدراتها وخيراتها وتسخيرها لخدمة اغراضهم، الا انه في الآونة الاخيرة ظهرت كتب عربية تصدت لهذه الموجة الهدامة واستعانت بتلك الكنوز التي يزخر بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كأتم نظريات تربوية تلبي حاجات الانسان الجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، والانفعالية.
والواقع انه لا احد يستطيع ان ينكر ان التربية الاسلامية هي الاساس المتين الذي قامت عليه حضارة المسلمين والتي استمرت في تفوقها ثمانية قرون لا منافس لها، فقد قدس الاسلام العلم والعلماء وسما بالعلم الى درجة العبادة وعني بالتربية الروحية والدينية والخلقية.
أصالة التربية الإسلامية
وما التربية الغربية الحديثة التي نادى بها الغرب في اوائل هذا القرن الا بعض مما نفذته التربية الاسلامية وطبقته بكل مثالياتها كالتربية الاستقلالية، والاعتماد على النفس في التعلم، ونظام التعلم الفردي، ومراعاة الفروق الفردية، وملاحظة الميول والاستعدادات الفطرية، وتشجيع الرحلات العلمية وغيرها.
وقد ادرك المسلمون الاوائل ان التربية هي اداة الحضارة ووسيلتها في تخليد ذاتها وضمان انسيابها وتناقلها عبر الاجيال، ويكون فعل التربية في الحضارة هو رسم هذا الفعل وتحديد مداه والتأثير في سلوك الفرد الانساني حتى ينسجم مع الانماط الاجتماعية السائدة، وهذا ما ادركه ايضا الصينيون القدماء والاسبرطيون والاثينيون في اهمية التربية في تحديد سلوك حضارتهم.