هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً... } (البقرة ـ 29) .. يقول صاحب تفسير الظلال، يرحمه الله، تعليقاً على هذه الآية «إن كلمة "لكم" هنا ذات مدلول عميق، وإيحاء عميق، إنها قاطعة في أن الله خلق هذا الإنسان لأمر عظيم، خلقه ليكون مستخلفاً في الأرض، مالكاً لما فيها، فاعلاً مؤثراً فيها، إنه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض، والسيد الأول في هذا الميراث الواسع إنه سيد الأرض وسيد الآلة! إنه ليس عبداً للآلة كما هو في العالم المادي اليوم».
لقد سخر لنا ربنا عز وجل خيرات الأرض كلها من الحيوان والنبات، والبر والبحر، والمسكن والمركب، والمأكل والمشرب .. فهل نحن شاكرون؟ وهل نحن قادرون على تحمل هذه الأمانة العظيمة؟
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي(صلى الله عليه وسلم): «عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن» (رواه ابن حبان).
انظروا إلى رحابة هذا الدين القويم ومساحة الشكر الكبيرة بين الآية والحديث، إنه ميدان لا حدود له من العمل على الاستفادة من المخلوقات لننجح في حياتنا ونسعد في أخرانا، ولا يكون ذلك إلا بحماية البيئة من الأذى والتلوث والإفساد.
لقد جعل المصطفى (صلى الله عليه وسلم) الإيمان دليلاً على الصالحين المتجاوبين مع نظام الكون حين قال: «الإيمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (رواه ومسلم).
فهنيئاً لنا نحن المسلمين حين تفوقنا على غيرنا من أصحاب الأديان والملل الأخرى في هذا المجال، وإنه الفهم الواسع لتجانسنا مع جميع مكونات الأرض، والتلاحم الفريد مع خلق الله في أرضه.
ولعل هذا يحملنا مسؤولية كبيرة تتجلى في المحافظة على مسخرات الله في الأرض للإنسان والتكيف مع ظروفها وأبعادها، والاستغلال الأمثل لثرواتها ومكنوناتها الضخمة.
والحمد لله رب العالمين،،،